Home / اخبار

على هامش إحالة مدونة الأسرة على المجلس العلمي، جمعيات حقوقية تنظم جلسة استماع و حوار .

بقاعة علال الفاسي، الرباط اكدال، نظمت، يومه الأربعاء 03 يوليوز، فدرالية رابطة حقوق النساء جلسة استماع عمومية لإسماع أصوات نساء يعانين من الظلم و التمييز.

و عرف اللقاء حضور جمعيات حقوقية و نشطاء و فعاليات من المجتمع المدني بالإضافة إلى ممثلين من الجانب التشريعي و القضائي بالمملكة. و تميز اللقاء بشهادات حية لنساء من مختلف الأعمار و الشرائح السوسيواقتصادية. حيث عبرن عن عدة اكراهات تشمل العنف اللفظي و الجسدي و المساطر القانونية ’الغير منصفة’ و ثقل اجراءات تفعيلها و الطرد من بيت الأسرة و تشريد الأطفال تحت مسطرة التعصيب من الأعمام أو أبنائهم في حالة وفاة الأب المالك للبيت أو من الأخوال في حالة وفاة الأم المالكة أو في حالة الإفراغ بعد الطلاق, و وضعية الأطفال في وضعية إعاقة في ضل هاته المستجدات العصيبة.

و في تقديمها، عرضت الأستاذة فوزية العسولي ، التي أطرت اللقاء, معطيات بالأرقام عن مستوى انخراط النساء في النسيج الإقتصادي للمملكة، حيث وضحت أن نسبة الملكية الفلاحية لا تتعدى 1%. فيما وصل عدد المستفيدات من السكن إلى 46% حسب أرقام الوزارة الوصية على القطاع. و وصل عدد النساء فوق 50 سنة بدون زواج إلى معدل 12%. أما بالنسبة للتعليم فقد وصل معدل الإناث في نيل شهادة الباكالوريا إلى 56% مع التقدم في النسبة بالنسبة للشهادات العليا إلى 50 %. إلا أن و مع كل هدا هناك تقييد للثروة بحيث لا تتوفر النساء على حرية القرار. :كما أن نظام المواريث و خاصة التعصيب يؤدي بشكل مباشر إلى تفقير عدد كبير منهن . لذا تناشد الأستادة العسولي كل أعضاء المجلس العلمي الأعلى الانتباه لهاته الأرقام و المعطيات لإصلاح مدونة الاسرة، لأن الزواج تعهد و التزام بتحمل المسؤولية للحفاظ على الأسرة و بالتالي إصلاح المجتمع للنهوض بالتنمية.

و ترى متدخلة, و هي سيدة مجتمع و ام لبنتين, أن التعصيب في المواريث مجحف و لا يشجعها شخصيا على الإستثمار ، خاصة و أن ’الهبة’ أثبتت ميدانيا قصورا و بعض النقائص و أصبحت دون جدوى. ناهيك عن الوصية أو بلغة أخرى ’لا وصية لوارث’. لدا ترى أن حرية القرار محدودة جدا و لا يمكن إيجاد تنمية في وجود اختلالات التمييز.

و في كلمته قال الناشط رشيد أيلال, عسى صفعات الحقيقة أن توقض الضمائر مؤكدا أن قوانين الشريعة جاءت لإصلاح الواقع لتكريم الإنسان مستدلا بالآية الكريمة بىسم الله الرحمان الرحيم “و لقد كرمنا بني آدم و حملناه في البر و البحر”. و تسائل عن كينونة القوانين التي تنتج القهر و الهشاشة باسم الشريعة. التدبر في الإجابة يستدعي النظر في النص الديني و التساؤل هل هو نص جامد أم نص متحرك. و بما أن فهم النص السماوي لصيق بالسقف المعرفي، فإن الانفتاح على نص إيجابي يرتبط بالظروف الإقتصادية المعرفية و الإجتماعية. كما أن الدين يتعلق بالحالة الفردية
( كل أتيه يوم القيامة فردا). يرى أيلال أن النص الجامد لن يجيب عن نمط متحول, لذا وجب تحكيم العقل. الخطاب الملكي يركز على الإجتهاد المنفتح و عدم التقليد و الإعتماد على العقل. و أضاف المتحدث ، يمكن أن نتخيل حجم المعاناة هناك ملايين النساء لا تستطيع الحديث: لذلك يجب أن نجتهد انطلاقا من فهم الواقع . اجتهاد منفتح على التجارب الإنسانية و الثقافات الأخرى و الرؤى الفلسفية المختلفة. لأن الكيانات القزمة تحيل على تفكير قزم. و لنتدبر الأمر نعرج على الإشكالات التي عرضت مع النص القرآني مند 14 قرنا و التي أدت إلى إنتاج 4 مذاهب خلال 200 سنة. و تسائل أيلال هل علينا أن تحكمنا مذاهب من 200 سنة؟. و استرسل إن لم نستطع أن نجيب على هاته الأسئلة و لم نستطع إنتاج فكر معاصر يتماشى مع الحاجيات الحالية فنحن عالة فكرية على أسلافنا .
يضيف أيلال في القرآن لا توجد كلمة تعصيب . لم يذكرها النص.و لا يذكر القرآن أو يتحدث عن أول ذكر من جهة الأب.
الواقع القبلي الابيسي آنذاك أنتج مسمى التعصيب لعصر معين كانت فيه الأسرة الكبرى هي النواة. ماصنعته السياسة ينسب لله و الله براء منه. و بخصوص الحديث ” لا وصية لوارث”, يقول أيلال الحديث ضعيف و حتى من يدافع عنه يعترف أنه ضعيف. يقول الله تعالى بعد باسم الله الرحمن الرحيم “كتب عليكم اذا حضر أحدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين و الاقربين بالمعروف.” الوالدين هم أحد الورثة لماذا ذكرهم الله بالوصية ان كان لا وصية لوارث. الوصية مذكورة في النص القراني على أساس العدل(وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله ). و تساءل أيلال أليست الإعاقة وصفا لذرية ضعاف. ثم أحال على الحديث الدي يعتمده الإمام مالك نفسه ,”سووا بين أولادكم في العطية و لو كنت موثرا لاثرت النساء على الرجال.”

و استرسل ايلال قائلا ان الفتوى لم تكن قطعية بل دائما تنتهي بكلمة و الله أعلم و هنا أحال على كتاب المغني لإبن قدامة المقدسي و الذي شرح الخلاف الكبير بين الفقهاء و الإئمة الكبار كمالك و أبي حنيفة و الشافعي,….و علل الأحكام و مآخد الخلاف ليفتح للمتفقه باب الإجتهاد. و أضاف ذات المتحدث أن على مستوى الإجتهاد على المفتى أن يكون أولا عالما بأحوال المفتى له. ثانيا مشكل القياس هو قياس الأشباه بالأشباه بجامع العلة . و لهذا فالمجلس الأعلى مطالب برفع الضرر و تفعيل النصوص الجامدة. أما بالنسبة لقضية إثبات النسب فالنص الديني صريح ( أدعوهم لآبائهم)، فالنسب لايحتاج لإقرار مع التقدم العلمي و البصمات الجينية.

و جدير بالذكر أن رشيد أيلال كان قد خلق ضجة و انتقادات كبرى أثر نشر كتابه (صحيح البخاري نهاية أسطورة) وصلت حد التكفير و التهديد من طرف أفراد و جماعات متطرفة.


وفي تدخله يقول الأستاد فيصل بنفضيل أن العامل المشترك في التشريعات الدينية كلها هو أن رجل الدين يتحمل المسؤولية كاملة في التفسير . و هو إنسان قد يصيب و قد يخطأ و ليست له قدسية. فكما أن المهندس و الطبيب يتعرض للإنتقاذ يجب على الجماهير و رجل الدين أن يتقبل الإنتقاذ ، كما ينتقد الطبيب و المهندس. الآن مع التقدم العلمي ، جميع العلوم الشرعية موجودة بضغطة زر, في حين أن المعلومة في ميدان الطب و الهندسة عامة و غير كاملة و نسبيا غير متاحة. أضف إلى هذا أن علاقة البشر مع الله علاقة أفقية لا تحتاج الى وسطاء. فإذا تقبلنا النقد فالآية( إن امرء هلك و ليس له ولد) سنقول ان التفسير القديم مجانب للصواب لأن هنا لا يقصد بالولد معنى الجنس اي ذكر بل من الولادة و الصلب. وقد أتت أيات كثيرة تفيد ذلك . و اعتبر بنفضيل أن هناك حيف اتجاه النساء ليس فقط في نظام المواريث كالتعصيب بل حتى في الحق في الطفولة. تعتبر المرأة ناقصة عقل و دين إلا في النكاح فهي بالغة و راشدة مع أن النص الشرعي واضح و بين حيث قرن النكاح بالرشد عوض البلوغ. و يرى تغيير المصطلحات ضروريا فعوض تزويج القاصرات يفضل جملة تزويج الطفلات و مصطلح البيدوفيليا و التي تهم جميع المجتمعات مسلمة كانت أو غير مسلمة

و في تدخل الأستاذ سعيد لكحل، كاتب و باحث في الإسلام السياسي, يقول أن الإرث أحكام و معاملات متغيرة. و الذليل أن أبناء البنت كانوا محرومين من الإرث سابقا. و هو الشيء الذي تغير مع الوقت. لذا فاللجنة المكلفة بتعديل المدونة يلزمها أن تراعي مقاصد الشريعة و مدى تحقيق العدالة. ففي المذهب الشيعي لا وجود للتعصيب. التعصيب مذهب سني محض.
و يسترسل الأستاذ لكحل نحتاج مدونة تأخد بقاعدة الرد كما هو الحال في تونس, اليمن و العراق و توسيع هاته القاعدة
داخل مدونة الأسرة بإلغاء التعصيب دون اللجوء إلى تحايلات على القانون. و فيما يخص اقتسام الممتلكات، يقول ذات الأستاذ إن أول من عمل به هو عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في قضية زوجة عامر بن ثابت . لما أتت شاكية . فما كان من عمر ابن الخطاب إلا أن أعطاها النصف كشريك لزوجها ثم ورثت من النصف الباقي من تركة زوجها.

و يرى الأستاد لكحل أن المتغيرات المجتمعية أعطت واقعا جديدا، فحسب المندوبية السامية للتخطيط، ما يزيد عن مليون و 800ألف أسرة تعيلها نساء. لذا من العيب أن يذهب هذا المجهود هباء تحت غطاء التعصيب و من المفترض أن تقسم تركة الوالدين بالتساوي بين الأطفال دون تمييز الجنس. و هو الشيء الذي سبقتنا له دولة السينغال. التي تجاوزت المغرب في تفسير الدين. و ثمن الأستاذ ما قاله زميله أن التطور الحاصل في العلوم كفيل بإثبات النسب و أن الإسلام كان يأخذ بما يعرف بالقيافة (حادثة أسامة بن زيد). فاذا تم اعتماد القيافة في ذلك الزمن لماذا لا يتم اعتماد البصمة الوراثية في هذا الوقت. و يؤكد المتحدث أن كل هاته المطالب لها سند شرعي.

و في تدخل الذكتورة فريدة بناني، حثت على تفعيل آليات الإجتهاد و توجيه الدعوة لإعمالها إلى المجلس العلمي الأعلى
و دعت إلى تغيير عدة مصطلحات( تزويج الطفلات عوض القاصرات . التعصيب يستبدل بالإرث لأن لا وجود للكلمة في القرآن..). و تحديد القول الذي يتمثل في المذاهب الفقهية و خاصة المالكية , مذكرة أن الإجتهاد البشري الأول و القديم ابن زمانه و الثاني إبن حاضره، لأن المصلحة الزمانية المتغيرة تقتضي مراعاته بمستجداته و متطلباته. و لهذا تلح على تجديد الإجتهاد و إنتاج قراءة جديدة تساير متطلبات القرن 21 لتتلائم مع الوضعيات الحالية و وضعية حقوق الإنسان و الإنفلات من قبضة النقل ، وذلك بإنتاج قراءة حية حديثة لمدونة الأسرة.
و في تعقيبها على القول “لا اجتهاد مع النص” ترى الأستاذة أنها قاعدة فقهية و غير شرعية. القرآن نص ثابت و مقدس من حيث تلاوته و منطوقه. و يصبح متحركا في مفهومه و تحليله. المذاهب الفقهية كلها وضعت قواعد للواقع الإجتماعي في زمانها و لذلك يستحيل قياس الزمن و الواقع الحالي على الماضي، لأن قياس الشاهد على الغائب قياس مجحف. لذا فالمرحلة تتطلب اجتهادا جديدا و ليس تحيينه. لأن تنظيم الحقوق عامة يتم وفقا الإحتكاك مع الواقع الإجتماعي.

و في تدخل لبنى الصغير محامية و برلمانية عن لجنة العدل و التشريع تمثل فريق التقدم و الإشتراكية: أكدت أن هناك أحكام لاترقى إلى التطلعات ناهيك عن مشاكل التبليغ و بطء المساطر و الإجراءات التنفيذية . و ترى أن النص القانوني يجب أن يسعف الأسر.

و يرى متدخلون آخرون، أنه في ظل التحايل على القانون وجب إنتاج نصوص أخرى داخل مدونة جديدة لها نفس روح دستور 2011 الذي ينادي بالمساواة فاذا كان دستور 2011 هو أعلى قوانين البلاد، فمقترحات مدونة الأسرة الجديدة, يجب أن تكون نسخة مصغرة منه. كما أنه قد مرت 20 سنة من التشخيص و رفع مطالب الإنصاف، و قبلها عقود أخرى. “و لا زلنا ننتظر حقوق و قوانين منصفة”. ان الأصل في القانون حماية الحقوق، و الحقوق ضائعة و للسؤال لماذا فتح هذا الورش؟ فالجواب هو للتأكيد على أن هناك خلل و حاجة إلى التغيير و الحاجة إلى أسرة متوازنة بكل مكوناتها. بالإضافة إلى أن مواضيع اليوم تبين أن المنظومة القانونية لا تجيب عن هاته التساؤلات بل تعيد إعادة إنتاج الهشاشة و الفقر و الهدر المدرسي و ظواهر اجتماعية أخرى. لذا فلا غرابة أن يتذبل المغرب مؤشرات التنمية. جميل أن يكون لنا قطار فائق السرعة و الجميل أن يوازي و يساير هاته السرعة الجانب الإجتماعي.

و في كلمته, يقول أحمد عصيد لا يمكن تكريس الوضع الحالي باسم القانون. قد آن الأوان للتغيير و من أبسط الحقوق الوصول للعدالة. هناك نصوص تميزية و قوانين يحب العمل عليها. المغرب له اتفاقيات دولية في هذا الصدد. و نحن هنا لا نقلد الغرب بل ينبغي أن يكون القانون ملائما للمجتمع المغربي. الشهادات داخل القاعة واقع مغربي لا دخل للغرب فيه. القرار الملكي جاء لأن هناك اختلالات يجب مراجعتها. يجب تغيير العقلية و التربية القديمة التي تكرس عنف العقلية الذكورية. مدونة اقتسام المسؤولية بين الزوج و الزوجة و اقتسام الأموال المكتسبة و صل إليه فقهاء منطقة سوس منذ 400 سنة. و نحن في 2024 لا نزال نرفض حتى الحديث أو الإشارة إليها. التعصيب يجب إلغاءه جملة وتفصيلا. و هو سبب الهشاشة و الفقر لدى النساء . يجب أن نرتقي من فقه الرجال إلى فقه الإنسان. عندما يقول الملك لن أحلل حراما و لن أحرم حلالا. فالحلال هو العدل و الحرام هو الضلم. يجب تغيير المعايير و زاوية النظر. المجتمع يقف بنسائه و رجاله و لا وقوف له على شق أو رجل واحدة. جميع الدول التي وصلت مراكز متقدمة (روندا، سنغافورة…..) وصلت بفضل التعليم الجيد و المساواة بين الرجال و النساء . فلا غرابة أننا نتذيل الترتيب العالمي 136 عالميا من أصل 146 دولة في التقرير الصادر عن المنتدى الإقتصادي العالمي الذي يهم الفجوة بين الجنسين.. و الذي يؤلم أكثر أننا في ذيل الترتيب مع دول في حالة حرب.

و تشتغل الحركة النسائية في مواكبة النساء و تقديم الحلول لمساعدة أصحاب القرار لتخطي المشاكل. و ترى أن إحالة المدونة الى مجلس العلماء هو تكريس لدولة المؤسسات لإصلاح الأعطال على مستوى الفرد و العائلة و المؤسسات. أن التعديل الأول لمدونة الأسرة استغرق أكثر من 30 سنة و الثاني 20 سنة و الاتي سيستمر إلى عقود اخر . وترى أن المشرع و صناع القرار اليوم لا يمكن لهم اليوم أن يتنصلوا عن هاته الإشكاليات الحقوقية و لا يمكن تكريس الضلم و التمييز باسم القانون. كما ترى أن مواقع التواصل الإجتماعي و الإعلام يسعيان لتمرير مغالطات بطريقة سلبية للهجوم على مسار تعديل مدونة الأسرة.


  • Link copied

مقالات ذات صلة